تنص المادة الأولى في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان على :
" يولد جميع الناس أحراراً متساوين في الكرامة والحقوق، وقد وهبوا عقلاً وضميراً وعليهم أن يعامل بعضهم بعضاً بروح الإخاء " .
كما تنص المادة الرابعة على :
" لايجوز استرقاق أو استعباد أي شخص، ويحظر الاسترقاق وتجارة الرقيق بكافة أوضاعهما "
مقدمة :
في الثاني من ديسمر عام 2007 أحيت الأمم المتحدة الذكرى المئتين للقضاء على تجارة الرق عبر الأطلسي ، ويعتبر الثاني من ديسمر يوم إلغاء الرق في العالم ، تنص مسودة الاتفاقية في المادة الثانية " يتعهد الأطراف السامون المتعاقدون، كل منهم في ما يخص الأقاليم الموضوعة تحت سيادته أو ولايته أو حمايته أو سلطانه أو وصايته بمنع الاتجار بالرقيق والمعاقبة عليه " .
بدأت تجارة الرق في عصور ما قبل التاريخ ابتداءاً بالعصور الحجرية أو الأزتيك مروراً بالرومانية واليونانية وعصور الإسلام وإمباطوريات الشرق الصينية والهندية وإمبراطوريات الوسط الأوروبي الإسباني ، وحتى تاريخ توقيع اتفاقية جنيف المذكورة .
رغم الاتفاقية تشمل كل البلدان التي وقعت الاتفاقية وهي عضو في الأمم المتحدة ، وفي إحصائية دولية ، قدرت الأمم المتحدة عدد الذين لا يزالون في عداد الرقيق ب 21 مليون ما بين رجال وأطفال ونساء حول العالم ينتشرون في دول فقيرة ومتخلفة .
كان للرقيق أو العبيد قوانين للبيع والشراء في كل زمن ، وكانت تحكمهم ظروف خاصة بهم حتى في عصور الإسلام .
لقطة :
إسباني يدخل بسرية عسكرية لسواحل غرب إفريقيا ويأخذ منها ما يشاء من رجال وأطفال ونساء لبيعهم في أوروبا بحسب الأعمار والأجناس .
لا يأل أي إنسان جهداً في مقاومة استرقاقه بعد ان كان حراً ، تصور الأحداث والصور أبشع المجازر الدموية وقت دخول قرى الآمنين لأخذ العبيد منها ، يعتبر هذا بديهياً فحتى الحيوانات أليفها ومفترسها ، تأنف الأقفاص والسجون ، وتشتهي حرية العيش ، إلا تلك التي تولد في الأقفاص ، فلا تعرف من الحرية إلا اسمها .
بطبيعة الحال إذاً أتفهم جداً محاولة السواحلي خوض معركته الخاسرة مع الإسباني المدجج بالسلاح للاحتفاظ بحريته التي يملكها مبدئياً .
أتفهم رغبته في الخلاص من الرق ، وحالته النفسية الصعبة وهو مأمور خادم لدى من يملكه وتوقه الشديد للتحرر والخلاص .
هنا أستذكر قصة المملوكي قطز من خلال الفيلم الكرتوني الشهير " عين جالوت " الذي شاهدته أيام طفولتي ، تحكي القصة أنه بعد أن كان عبداً لأحد التجار الدمشقيين يدعى موسى بن غانم ، وانتهى بعدها ليد عز الدين أيبك الأمير الأيوبي ، فتدرج في المناصب حتى صار قائد الجيش .
عرف قطز بالصلاح والذكاء والقوة والشجاعة ، تحكي القصة كما الفيلم ،
وكما يروي قطز لشيخه المعروف ، عز الدين بن عبد السلام ، ذات يوم : أنه رأى الرسول - صلى الله عليه وسلم- ، يبشره بملك مصر بعد هذا الرقيق ، ويهزم بعدها التتر والمغول في أضخم موقعة في عين جالوت . فكان ما حصل ، تولى ملك مصر وتزوج ابنة عمه جلنار .. قاتل التتر وهزم هولكاو الزعيم المغولي في معركة لن ينساها التاريخ .
لقب بالمظفر بعد توليه ملك مصر ، وكان مثالاً رائعاً في الحكم والقيادة . رحم الله قطز رحمة واسعة .
لا أحب الاستطراد إلا قليلاً .. تحملوني .. :)
قصص الرق في الغرب والإسلام كثيرة ، كتبت فيها الروايات والمسرحيات وكبرى الأعمال الدرامية والفنية على مر العصور .
هكذا كانت العبودية ، حتى تغيرت ..
تشكلت في أزماننا الحديثة ألف نوع ونوع من انواع العبودية الظاهرة ، الفارق بين اليوم والأمس أن العبد مختار وليس مكره ، الفرق الثاني أن العبد يعيش خارج بيت سيده ووليه .
ولكن العبيد أنواع ، أتفهم هنا أيضاً النوع الذي يطمح كل يوم أن يخرج من ظل عبوديته ، وكمثال لذلك الوظيفة الرتيبة المملة في إحدى الشركات البائسة ، ليبدأ بعدها بأحد المشاريع الخاصة ولو كان صغيرا لا يذكر ، ولكنه سبيل الانعتاق من رق الوظيفة كما يذكر .
لكن ، لا أستطيع أبداً أن أتفهم ذلك الذي يختار بفطرته أن يبيع كل ما يملك من قيم ومبادئ وعلى رأسها حريته ، فيصبح عبداً بإمرة سيده ، يخدمه في كل حين ، يطيع أمره ، ولا يفكر يوماً أن يكون غير ذلك .. تراه يتودد منه كل تودد ، يجعل حياته كلها بين يدي مالكه ، ابتغاء مال أو جاه ومنصب ، هو لا يكف عن البقاء في ظله ، قد يفني عمره وحياته في سبيل راحة سيده ومولاه ، لا أعلم ماهي التركيبة العجيبة لذلك الإنسان .. كيف ينتهي الأمر به لذلك الإختيار القبيح .
لا أدري كيف يقنع ذلك الإنسان نفسه بأن لا قيمة له في هذه الحياة سوى بوجوده تحت إمرة سيده ، أحاول جاهداً أن أتفهم سيكولوجية هذا المخلوق دون أي جدوى .
بعيداً عن عبيد السلطة وأتباع الحاكم المستبد بسلطته ، الذين قادهم الطاغية لتلك العبودية ، إغراءا وتزيينا لهم فأوقعهم بها بقوة تبدو ناعمة ، فكأنه محبوس حبس قوة أو قهر ، ابتغاء منفعة ، أو دفع مضرة ومذمة ذلك الطاغية .
لكني أتحدث هنا عن العبيد الذين وضعوا أنفسهم في دائرة الواقع الذي خلقوا في محيطه ، هم عبيد تلك الدائرة ، يخشون زوالها ، ولو كانت مقيتة بغيضة دنيئة ، حسبهم أنهم يجدون متعة أو لذة فيها ، قد تكون مادية أو معنوية تصنع بفعلهم هم أو بفعل غيرهم لهم .
كما تنص المادة الرابعة على :
مقدمة :
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق